❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
فتحي الذاري
تتجلى الأبعاد الإنسانية والسياسية للصراعات في منطقة الشرق الأوسط بوضوح، وذلك عندما نتفحص الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون اليمنيون على الملاحة تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي. هذه الحصار، الذي يستمر منذ سنوات، دفع الفلسطينيين إلى حياة من المعاناة المستمرة، حيث يواجهون القصف والتهجير والإقصاء، بينما يسعى الحوثيون اليمنيون في اليمن إلى تنفيذ تهديداتهم بتعطيل حركة السفن كيان الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر.
تُظهر تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ومساندته الواضحة للاحتلال الإسرائيلي مقارنة مثيرة بين استجابة الولايات المتحدة لممارسات الاحتلال في فلسطين واعتبار الحوثيين اليمنيون تهديدًا. يعاني الشعب الفلسطيني في غزة من حصار خانق يتجلى في نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، بالإضافة إلى القصف المستمر للمنازل. هذا الواقع المرير هو تجسيد للجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين، ويتسم بشهادة على الإبادة الجماعية.
تحوّلت الصورة في اليمن بعد التصريحات العدائية من الولايات المتحدة تجاه الحوثيين، الذين يتهمهم ترامب بدعم إيران والإرهاب. فقد صرح ترامب الكافر بأن "الولايات المتحدة لن تتهاون في الرد على هجمات الحوثيين اليمنيون ، مؤكدًا أن العمليات العسكرية ستكون حاسمة وقوية. من خلال هذه التصريحات، تظهر ازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية، حيث يُدعم الاحتلال الإسرائيلي دون النظر إلى العواقب الإنسانية المترتبة على هذا الدعم. بينما يتناول ترامب موضوع حماية "حرية الملاحة" في البحر الأحمر، يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري أين كانت هذه الحماسة لحماية حقوق الفلسطينيين في غزة؟
إلقاء اللوم على إيران في دعم الحوثيين اليمنيون واعتبارهم "إرهابيين" يؤكد على محاولة من الولايات المتحدة لتبرير تدخلها العسكري في اليمن، متغاضيةً عن الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني. إن هذا الجحيم المزدوج لن يؤثر فقط على الضحايا، بل سيضع الولايات المتحدة في موضع الشريك في الجرائم الإنسانيةوحرب الإبادة الجماعية .
دعوة الحوثيين اليمنيون لاستئناف العمليات العسكرية ضد السفن كيان الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر تؤكد رد فعل طبيعي على الحصار الذي يعاني منه الفلسطينيون. يأتي هذا التصعيد في سياق موجة من التوترات المتزايدة في المنطقةمما يبرز كيف أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي تنعكس على الصراعات الإقليمية الأوسع.
وعلى الرغم من نداءات قادة الحوثيين اليمنيون للإدانة الدولية للاحتلال، تفضل معظم الدول الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما يعيق أي تدخل فعلي يمكن أن يوقف هذه الانتهاكات. بينما ينظم اليمنيون وقفات احتجاجية ويدعون أحرار العالم للانخراط في قضية غزة، يبقى السؤال قائمًا كيف يمكن للعالم أن يخطي خطوات ملموسة نحو تحقيق السلام العادل إذا كانت ردود الفعل الدولية تقتصر على النزاعات السياسية، متجاهلة الآلام الإنسانية الناجمة عن الاحتلال والحصار؟
ان التعقيدات السياسية والإنسانية للصراعات في الحالة اليمنية والفلسطينية، حيث يكشف التهديد الذي يواجهه الحوثيون من قبل الولايات المتحدة عن وجوه جديدة للجريمة الإسرائيلية الأمريكية. ينبغي أن تُعدّ هذه المآسي دعوة حقيقية للمجتمع الدولي للنهوض بمسؤولياته الأخلاقية والسياسية لتحقيق العدالة، والضغط على الاحتلال لرفع الحصار عن غزة.
الانتصار للحقوق الإنسانية لا يرتبط فقط بالصراعات العسكرية، بل يتطلب التزامًا حقيقيًا ومبدئيًا بالعدالة والحرية لكل الناس.والسعي نحو بناء عالمٍ يستند إلى المبادئ الأساسية للحقوق الإنسانية، حيث لا تُنسى معاناة أي شعب في ظل صراعات الجغرافيا السياسية.